نحن أغنى من أهل الصين
اقترب عيد الميلاد، فوعظ الكاهن وطلب إلى الشعب في الكنيسة أن يُحسِنوا من أجل أولاد الرسالة في الصين. فتصدق كل بحسب طاقته. وبعد القداس، دنا من الصندوق طفل، تدل ملامحه على بؤس مُدقِع، وألقى فيها بعض القروش وابتعد.فَلَحِظه الكاهن ودعاه وقال له: من أين لك هذه القروش يابني؟ فقال: لقد اشتغلت البارحة طيلة النهار وربحتها. فقال الكاهن وقد أخذت منه الشفقة عليه: دعها معك فأنت بحاجة إليها. قال الولد: قد أكون محتاجاً، إنما والدتي قالت لي: ولو أننا فقراء، لكننا نحن أغنى من أهل الصين لأننا نعرف المسيح، أما هم فلا يعرفونه، وهذا أعظم فقر وأكبر شقاء.(لنشكر الله لأننا مسيحيين ولنتضرع إليه لهداية الضالين).الكافر والبدوي
يسأل كافرٌ أعرابياً قائلاً: كيف تؤمن بالله وأنت لم تره؟ فقال الأعرابي: عندما أشاهد على الرمل أثر الأسد أقول: لقد مرّ الأسد بالمكان، أجل إني لم أرَ الأسد لكني متأكد من أنه قد مرّ. كذلك إني لم أرَ الله، لكني أرى أعماله فأتأكد من وجوده.الطفل و الشمس
ادّعى أحد الفلاسفة الكُفّار واسمه سونتونيز، أن الناس يعتقدون بوجود الله لأنّ أهلهم لقّـنوهم هذا الاعـتقاد لمّا كانوا أطفالاً. وأراد أن يثبت رأيه بالتجربة والاختبار. فاتخذ رضيعاً وعزله عن الناس وربّاه دون أن يلفظ أمامه قط اسم الله.و لما كبُر الغلام ونمَا عقله وأخذ يفكر، فاجأه الفيلسوف يوماً، فرآه راكعاً على الأرض ينظر إلى الشمس المشرقة ويقول: ما أجملكِ أيتها الشمس وما أجمل من خلقكِ! فإن رأيتِهِ فقبّليه عني.جواب فتاة
سأل كافر فرنسي يُدعى كوربيه فتاةً قائلاً: كيف تعرفين أنّ الله موجود مع أنك لم تَرَيْه؟ فقالت: كما أعرف أنّ أمريكا موجودة مع أني لم أرها. فقال لها: اذهبي إليها فتريْها. فقالت: هكذا يكفي أن نذهب إلى الله لنراه، ولتأمين ذهابنا إليه علينا ألاّ نصغي لكافر مثلك.جواب صريح
مال الحديث في بعض المجتمعات إلى الكلام عن النّفْس وعن وجودها. فأنكرها بعضهم وأثبتها البعض الآخر. واشتدّ الجدال.فقال أحد الحاضرين لجاره: أنت لا نَفْسَ لك. فأجابه الرجل: وكيف تبرهن عمّا تقول؟ فقال: لأنّي لم أرها قط. فابتسم الرجل وقال: وأنت لا عقل لك. فاضطرب المجادل وصاح بغضب: وكيف تدّعي ذلك؟ فأجابه: لأنّي لم أره قط.فَخَزيَ المناقش وصمت. (كثير من الأشياء موجودة ولا نراها "طوبى للذين آمنوا ولم يروا")الأمير و الحطّاب
كان في خدمة أحد الأمراء رجل حطّاب وكان في أثناء عمله المُضني يلعن آدم وحواء، سبب شقائه وتعبه، وهو يقول: لو كنت أنا وامرأتي مكانهما لما خالفت وصية الله السهلة، لما كنت سبب شقاء الجنس البشري. فسمعه الأمير يوماً، فقال له: سأعاملك أنت وامرأتك كما أعامل الأمراء، فتسكنان قصري، وتنعُمان بهناء صاف. إلا أني قبل أن أثبتكما في سعادتكما، سأمتحنكما امتحاناً بسيطاً، فإن تغلّبتُما على التجربة عشتما في غِبطة ورغْدِ عيش طيلة حياتكما. فَقبل الحطاب فرحاً وأتى بامرأته وسكنا القصر الفخم. راح الخدم يعتنون بهما كل العناية، فشعرا بسـعادة لا توصف. يوماً من الأيام قَدَّم لهما الخدم مآكل شهية وبينها طبق مغطى وضعوه على المائدة وقالوا لهما: يسمح لكما الأمير بأن تأكلا من جميع الأطعمة إلاّ مما في هذا الطبق. وإذا ما كشفتما عنه طردكما من قصره، وانطلقوا. بقي الزوجان يحدقان إليه. واشتدت الفضولية عند المرأة، فقالت لزوجها: ألا نرفع الغطاء لنرى ما فيه؟ وبعد إلحاح، قبل طلبها. ورفعت المرأة الغطاء فطار منه عصفور صغير وصرخت بأعلى صوتها لشدّة اندهاشها وفزعها.وإذا الأمير يُقبِل وينزع عنهما زينتهما ويطردهما من قصره.الإلحاد وعواقبه : (احتضار الفيلسوف فولتير)
يقول شاهد حضر نزاعه الأخير، أنّه كان مثالاً رهيباً عن آخرة مَنْ يعيش حياته في رفض خالقه وبغضه، وفي بغض المسيح ورفض رسالته. فقد شاهد مرة مصلوباً كبيراً معلقاً على جدار أحد الأديرة، فخاطبه المصلوب قائلاً: "أنت كبير وأنا صغير، لكنني سأجعلك صغيراً متى كبْرتَ! ". فلمّا كَبُر مات شرّ ميتة؛ فكان يتلوّى كالدّودة في فراشه، مُمزِّقاً صدره بأظافره وصارخاً: "أشعر بيد تجرني إلى محكمة الله ... الشيطان هنا يريد القبض علي، إني أراه .. أرى جهنم.. خبِّئوني!...قال طبيبه المعالج "ترونشان"، وكان شاهداً على نزاعه الأليم: "ليت كلَّ فلاسفتنا الملحدين شاهدوا تمزيق نفسه لعذاب ضميره".وجه المسيح : ( القديسة أليصابات المجرية )
القديسة أليصابات ابنة ملك المجر أندراوس الثاني، اشتُهِرت بتقواها وعطفها الفائق على الفقراء والمساكين، لأن إيمانها القوي كان يريها في كل واحد منهم شخص المسيح. فاستقبلت يوماً، في أثناء غياب زوجها فقيراً أبرص متسوّلاً، فاستضافته وقدّمت له فراشاً ... و لما عاد زوجها أطلعته على ما صنعت، فاستشاط غضباً، وهجم على الأبرص كالوحش الضاري، ليرميه خارجاً، فلما كشف الغطاء عنه، شاهد السيد المسيح نفسه مكللاً بالشوّك، وبدت جروحه تنزف دماً .. فخرّ الملك على الأرض ساجداً، نادماً بحرارة وباكياً ... وإذا بالمسيح يختفي عن العيون.فالتفت الأمير إلى زوجته السّاجدة بقربه وقال لها: "يسرني جداً يا حبيبتي، أن تُقدّمي فراشي دائماً لضيف نبيل كهذا الضيف".(لكل إنسان، لاسيما الفقير، وجه آخر هو وجه المسيح ..."من قبلكم فقد قبلني")القديس سبيريدون : ( أمانة و إيمان )
كان القديس سبيريدون راعياً فقيراً و تقياً جداً، و بفضل تقواه وحكمته، أصبح مطراناً. اشترك في المجمع النيقاوي، ولدى عودته وجد ابنته الوحيدة قد ماتت في أثناء غيابه، وكان عندها وديعة لواحد من أبناء رعيته، أتى يطالبه بها. وبعد بحث دقيق في أرجاء البيت لم يجدها. فطلب إلى صاحب الوديعة أن يرافقه إلى قبر ابنته، ولدى وصولهما إلى القبر، سألها باسم يسوع المسيح أن تقول له أين وضعت الوديعة. فأجابته من داخل القبر وأعلمته بمكانها. فعاد القديس إلى بيته وسلّمه الأمانة.كريم عند الله موت بارِّه
كان القديس بولس الناسك من تلاميذ القديس أنطونيوس الكبير. فلما توفاّه الله احتار أنطونيوس كيف يواريه التراب. وإذا أسدان قَدِما من عرض الصحراء وأخذا يحفران الأرض بمخالبهما. ولما أنهيا عملهما تقدّما من أنطونيوس و أخذا يلعقان قدميه كأنهما يقبّلانهما. فباركهما أنطونيوس وأشار لهما بالذهاب، ثم دفن الجثة في الحفرة، وشكر الله على اهتمامه بعابديه في الصحراء وتسخير الوحوش لخدمتهم. (يقول الرب: إن نَسيَتْ المُرضعُ طفلَها، لاأنساك).جواد الخليفة : ( محبة القريب )
كان للخليفة المأمون جواد أصيل مميّز، رغب رئيسُ قبيلة في شرائه، فرفض المأمون بيعه. فقرّر ذاك الحصول عليه بالخداع.وإذ علم أنّ المأمون معتاد أن يذهب إلى الغابة ممتطياً جواده، ذهب وتمدّد على الطريق، وتظاهر بأنه شحّاذ مريض، ولا قوّة له على المشي. فترجّل المأمون عن حصانه، وقد أخذته الشفقة، وعرض عليه أن ينقله على حصانه إلى مستوصف لتطبيبه، وساعده على ركوب الحصان. وما أن استقرّ صاحبنا على ظهر الجواد حتى لَمزَه برجله وأطلق له العنان. فشرع المأمون يركض وراءه ويصيح به ليتوقّف. ولمّا أصبح على بعد كاف ليكون في أمان، توقّف ونظر إلى الوراء، فبادره المأمون بهذا القول:لقد استوليت على جوادي، لابأس! إنّما أطلب منك معروفاً ..... وماهو؟ ألاّ تقول لأحد كيف حصلت على جوادي. ولماذا؟لأنه قد يوجد يوماً إنسان مريض حقاً ملقى على قارعة الطريق ويطلب المساعدة. فإذا انتشر خبر خدعتك، سيمر الناس بالمريض ولن يسعفوه خوفاً من أن يقعوا ضحية خداع مثلي. قميص المتصوف
يُحكى أنّ أميراً هندياً غنياً جداً كان عائشاً في الترف، و مع ذلك لم يكن سعيداً. فجمع حكماء إمارته واستشارهم عن سرّ السّعادة.وبعد صمت وتفكير، تجرأ شيخ منهم وقال: "يا صاحب السمو، لا وجود للسعادة على وجه الأرض. ومع ذلك ابحث عن رجل سعيد، وإذا وجدته خذ منه قميصه والبسْه فتصبح سعيداً. ركب الأمير جواده وذهب سأل الناس ليعرف مَن السّعيد بينهم. البعض منهم تظاهر بالسعادة، فقال أحدهم: أنا سـعيد ولكن على خلاف مع زوجتي. وقال آخر: أنا مريض. وآخر أنا فقير ...تحت وطأةِ الكآبة توجّه الأمير إلى الغابة، علّه يموّه عن نفسه، ولمّا دخلها سمع في البعيد صوتاً جميلاً يترنّم بأغنية حلوة. كلما اقترب من الصوت، تبيّن أنه يعبِّر عن سعادة عند صاحبه... ولمّا وصل إليه، رأى نفسه أمام صوفيّ متنسّك، زَهِد بكلّ شيء في الدنيا السعادة في حياة محرَّرة. الأمير: هل أنت سعيد حقاً؟ أجابه: بدون شك أنا سعيد جداً. فقال الأمير: إذن أعطني قميصك لأصبح سعيداً مثلك! وبعد صمت طويل، حدّق فيه الزاهد بنظره الصافيّ العميق، وابتسم وقال: قميصي؟ كم يسعدني أن أعطيك إياه! ولكني استغنيت عنه منذ زمن بعيد!... ولذا أنا سعيد!...(هل فهم الأمير أنّ السعادة لا يشتريها المال وأننا نجدها في قلب زُهْد بالدنيا؟" اذهب وبع كل ما تملك...)